قوله : ( قلت يا رسول الله قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه غيرك قال : قل آمنت بالله ثم استقم )
قال القاضي عياض رحمه الله : هذا من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم وهو مطابق لقوله تعالى : { إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا } أي وحدوا الله , وآمنوا به , ثم استقاموا فلم يحيدوا عن التوحيد , والتزموا طاعته سبحانه وتعالى إلى أن توفوا على ذلك . وعلى ما ذكرناه أكثر المفسرين من الصحابة فمن بعدهم وهو معنى الحديث إن شاء الله تعالى . هذا آخر كلام القاضي رحمه الله . وقال ابن عباس رضي الله عنهما في قول الله تعالى : { فاستقم كما أمرت } ما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في جميع القرآن آية أشد ولا أشق عليه من هذه الآية ولذلك قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه حين قالوا : قد أسرع إليك الشيب فقال : " شيبتني هود وأخواتها " قال الأستاذ أبو القاسم القشيري في رسالته : الاستقامة درجة بها كمال الأمور وتمامها , وبوجودها حصول الخيرات ونظامها , ومن لم يكن مستقيما في حالته ضاع سعيه وخاب جهده . قال : وقيل : الاستقامة لا يطيقها إلا الأكابر لأنها الخروج عن المعهودات ومفارقة الرسوم والعادات , والقيام بين يدي الله تعالى على حقيقة الصدق . ولذلك قال صلى الله عليه وسلم : " استقيموا ولن تحصوا " . وقال الواسطي الخصلة التي بها كملت المحاسن , وبفقدها قبحت المحاسن . والله أعلم .
ولم يرو مسلم رحمه الله في صحيحه لسفيان بن عبد الله الثقفي راوي هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئا . وروى الترمذي هذا الحديث , وزاد فيه : ( قلت : يا رسول الله ما أخوف ما أخاف علي ؟ فأخذ بلسان نفسه ثم قال : هذا ) والله أعلم .